الأوربيون المتخلفون!
بين عشرات الكيلومترات تمر بالحدود السويسرية- الفرنسية, فهل تظن أنك ستقف المسافات الطوال وأنت تنتظر على الحدود كما نفعل نحن المواطنين العرب الغلابى, بين دولنا؟!
بل دعك من العالم العربي, فقد اكتشفنا أخيرا أن ما يفرقنا أكثر مما يجمعنا, واذهب إلى مجتمعات متشابهة في أنظمتها الحاكمة, وعوائلها, وقبائلها, وعاداتها, ويجمعها ما يمكن أن نطلق عليه مجازا (اتحاد), وهي دول مجلس التعاون الخليجي, وقف على حدود برية بين دولة وأخرى, لترى أصناف التفتيش وأنواع الانتظار, خلافا للنفس "الشينة".
مررت على الحدود الفرنسية شرق السويسرية وبالعكس عشرات المرات, وقد كان الشرطي الواقف على نقطة الحدود ينظر إلي وأطفالي ثم يشير بيده أن أمضي, وفي حالات كثيرة كانت الحدود تخلو ممن يقف عليها فيقطع الناس حدود دولتين دون إشكاليات ولا صفوف انتظار ولا قوائم صبر, ولا صنوف تعقيد!
لا تقولوا لي إن الاتحاد الأوروبي هو السبب, فسويسرا ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي, ويلزم المسافر إليها من بعض الدول كدول الخليج أن يحصل على تأشيرة خاصة لزيارتها إذا كان يحمل تأشيرة دخول الاتحاد الأوروبي, لكنها دول ليس لديها عقد.
و"على طاري" العقد, يتحدث الناس في سويسرا أكثر من لغة, فالجزء القريب من فرنسا يتحدث الفرنسية, والأراضي المحاذية لألمانيا لغة أهلها الألمانية, والمنطقة المتاخمة لإيطاليا يتحدث مواطنوها الإيطالية, وجزء صغير من الناس يتحدثون بلغة سويسرية, لكنهم فئة قليلة, وغير مؤثرة.
ومع ذلك كله, لم يعتبر أحد هنا, قضية الهوية, قضية يعيش من أجلها, أو أن الحديث بلغة سيدمر اللغة الأخرى, أو أن سويسرا سينهيها الاندماج مع دولة مجاورة, وبالتالي الحديث بلغة هذه الدولة سيطمر اللغة الأصلية, بل إن الذين يتحدثون باللغة السويسرية لا يزيدون عن 100 ألف نسمة بين 6 ملايين هم عدد السويسريين!
حقا إنهم أوروبيون متخلفون!
صحيفة الوطن- السعودية
يوليو 2008