تقرير عن أحداث "الإيغور" في الصين
هناك كثير من الشعوب الإسلامية التي لا نعرف عنها لا القليل ولا الكثير:
متى دخلوا الإسلام؟
ومن هم؟ وأين يسكنون؟
وماذا يفعلون؟
ومن هذه الشعوب..
"شعب الإيغور" الذي يعيش في جمهورية تركستان الشرقية التي تقع تحت الحكم الصيني حاليا من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية وتعتنق الإسلام وهي أحد الأقاليم الصينية الخمسة التي تتمتع بحكم ذاتي..ظهر منها علماء أثروا الحضارة الإسلامية كالسمرقندي والزمخشري وغيرهما.
وساعدت جيوشهم بصورة كبيرة في الفتوحات الإسلامية التي وصلت رومانيا وغيرها من الدول الأوربية.
* جغرافيتها:
تقع تركستان الشرقية (الاسم ينقسم إلى كلمتين "ترك" و "ستان" ومعناها أرض الترك) في الترتيب التاسع عشر بين دول العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا وتشكل خمس المساحة الإجمالية للصين، وتحاذي المنطقة كلا من أفغانستان وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق المسلمة (كازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان)، وتقع في أقصى الغرب الصيني، وعاصمة الإقليم هي (أورومشي)، تحدُّها منغوليا من الشمال الشرقي والصين شرقًا وكازاخستان وطاجكيستان شمالاً وغربًا، والهند وباكستان والتبت وكشمير جنوبًا.
أما في العصر الحديث فيوجد في تركستان الشرقية التي تسمي اليوم إقليم (سينكيانج) 86 مدينة، يقوم الصينيون بإعادة تقسيمها وتسميتها، وتدار تحت مظلة الحكم الذاتي (اسمًا).
* كيف دخل الإسلام تركستان الشرقية؟
دخل الإسلام تلك الأرض على يد القائد الإسلامي المجاهد "قتيبة بن مسلم الباهلي" عام 88 - 96هـ، ومن بعده بدأت ثمار الاتصال الحضاري بين الإسلام والحضارات الأخرى، فتحول التركستانيون للإسلام تحت قيادة زعيمهم "ستوف بغراخان" خاقان الإمبراطورية القراخانية عام 323هـ - 943م، فظهر منهم الجنود والقادة والحكام والعظام في العلم النبوي الشريف والحضارة الإسلامية أمثال: البخاري – مسلم – الترمذي – البيهقي – ابن سينا – محمد بن موسى الخوارزمي – الزمخشري – السمرقندي – عبد الله بن المبارك – الفضيل بن عياض – سفيان الثوري.
* أصل الإيغور:
قبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين (إقليم سنغيانغ حاليا) كان الإيغور قبائل متنقلة تعيش في منغوليا, وقد وصلوا إلى هذا الإقليم بعد سيطرتهم على القبائل المغولية وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن الميلادي.
ويقدر عدد الإيغور حسب إحصاء سنة 2003 بنحو 8.5 ملايين نسمة (وبحسب مصادر تركية مستقلة فإن عددهم يقدر بنحو 30 مليون مسلم، وليس 7 ملايين كما تسوق الصين والعالم الغربي، يعيش 99% منهم داخل إقليم سنغيانغ ويتوزع الباقون بين كزاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وألمانيا وإندونيسيا وأستراليا وتايوان والسعودية.
* اللغة:
اللغة المستعملة لدى الإيغور هي اللغة الإيغورية التي تنحدر من اللغة التركية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها.
* الدين:
كان الإيغور يعتنقون عددا من الديانات على غرار البوذية والمسيحية (النصطورية) والزرادشتية إلى حدود القرن العاشر الميلادي حيث دخلوا في الإسلام ويتوزعون اليوم على أغلبية سنية حنفية وأقلية شيعية إسماعيلية.
* العلاقة مع الصين:
اتخذت العلاقة بين الإيغور والصينيين طابع الكر والفر, حيث تمكن الإيغور من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة على مدى نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876 قبل أن تلحق نهائيا في 1950 بالصين الشيوعية.
وتعتبر الصين وروسيا من أكبر الأعداء الإقليميين للمسلمين في المنطقة.
وعلى مدى هذه المدة قام الإيغور بعدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و1944 لكنها سرعان ما تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية في سنة 1299هـ-1881 م لسيطرتهم ودفعوا إليه بعرق (الهان) الذي أوشك أن يصبح أغلبية على حساب الإيغور (السكان الأصليين).
وقد عملت الحكومة الصينية مؤخرا على توطين العديد من ذوي أصول قومية (الهان) في إقليم سينكيانج لتتغير الطبيعة الديموغرافية للمنطقة حيث غيرت نسبة المسلمين فيها من 90% إلى 50% بقصد طمس الصبغة الإسلامية عن الإقليم.
وقد تصاعدت الاضطرابات في 1990 بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان واستقلال الجمهوريات الثلاث المسلمة عن الاتحاد السوفيتي السابق.
وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين الإيغور وتمكن من جلب بعض الناشطين الإيغور خصوصا من باكستان وكازاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى "الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب"، وعمدت الصين على تصوير الانفصاليين الويغور بأنهم وكلاء للقاعدة.
ورغم المطاردة الصينية ظلت بعض التنظيمات السرية تنشط داخل البلاد منها بالخصوص الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية التي تتهمها بكين بتنفيذ سلسلة انفجارات في إقليم سنغيانغ وشباب تركستان الشرقية.
و في 19 سبتمبر/أيلول 2004 قام الإيغور بتأسيس حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف كما تمت صياغة دستور.
* تمييز عرقي:
يتهم السكان الإيغور الحكومة المركزية بمساعدة عرق (الهان) على الاستحواذ على ثروات الإقليم وتولي المناصب العليا والقيادية في حين تجبر الفلاحين الإيغور على بيع محصولهم من القطن بأسعار متدنية لمصانع النسيج.
وتتهم منظمات دولية الحكومة الصينية بإجراء أكثر من أربعين تجربة نووية شمال الإقليم مما أدى إلى إصابة العديد من سكانه بالإشعاعات النووية وانتشار الأمراض وتلوث التربة والهواء ووفاة حوالي 200 ألف شخص وتشير دراسة سرية إنكليزية إلى ازدياد كبير في نسبة المصابين بالسرطان نتيجة التأثر بهذه الإشعاعات النووية.
* أهم انتفاضات الإيغور:
5-2-1997م: مظاهرات للمطالبة بحرية ممارسة الشعائر الدينية مع بداية شهر رمضان في مدينة غولدجا (والتي تسمى باللغة الصينية يننيغ) مما أدى بالسلطات الأمنية والجيش إلى قمع هذه المظاهرة بالقوة أدى إلى وقوع عشرات القتلى والمئات من الجرحى.
- 1999م: اعتقل قرابة تسعة وعشرين ناشطا إسلامي بتهمة محاولة القيام بمظاهرة مناهضة لبكين وفي 28-1-1999م تم إعدام 2 منهم.
- 12-2-1999م: إصابة 5 من الإيغور واعتقال 150 شخص في عاصمة الإقليم أورومتشي على خلفية إطلاق شعارات تطالب بالانفصال.
* أصل الحكاية:
راجت إشاعة الشهر الماضي في 26 يونيو في أحد مصانع لعب الأطفال في مدينة شاوغوان الجنوبية بأن العمال الإيغوريين اغتصبوا فتاتين من (الهان) تعملان بالمصنع, فكان أن هجم العمال (الهان) على زملائهم الإيغوريين واستخدموا السكاكين والمواسير المعدنية والأحجار ما أسفر عن سقوط ضحايا مسلمين.
وبعد أيام أعلن المسؤولين هناك أن "الاغتصاب" لم يكن سوى إشاعة أطلقها موظف سابق ناقم من إدارة المصنع, وهو الآن في قبضة الشرطة.
قام متظاهرون بالاحتجاج على تعدي الصينيين عليهم فقمعتهم السلطات الصينية بقوة مفرطة ألفها الإيغوريون المسلمون على مر العقود الماضية التي حصدت من أرواحهم أكثر من مليون في سلسلة من المجازر.